السبت، نوفمبر 10، 2018

ودعته وكأن السعد ودعني.. مدى الحياة وأن العيش كالعدمِ

ما أقسى أن تفقد والدك
مرت أشهر منذ انتقل إلى مولاه، ومع كل يوم يمر يزداد الشوق وتتجدد الآلام.. 
اللهم ارحمه واغفر له.

الأربعاء، يونيو 14، 2017

دعواتكم

زياد: "جدو قال لي أكتب قصيدتك في دفتر.. وكتبتها له.. وأخذ الدفتر وردّ عليها.."
عندما كنت طفلا، كنت أردد:
" يا رب أًصير خطاط مثل ابي
يا رب أكون طويل مثله
يا رب أصير شاعر مثله
يا رب أصير أقرا مثله
يا رب أكون نحيف مثله! إلخ.. "
كان وما يزال قدوة صالحة لنا في كل شيء.. كنت أحد طلابه في المدرسة، وفي المنزل، التصقت به طيلة حياتي فما رأيت منه إلا خيرا.. علمني التجويد، وحببني في القراءة والأدب، وكان موجها لي وناصحا.. اهتم بزرع القيم الصالحة بأساليب تربوية جميلة.. " وما أنا إلا قطرة من سحابهِ.. ولو أنّني ألّفت ألف كتابِ"
أحبّ الحياة العائلية فقدّمها على كل شيء..
 قصّر في حق نفسه كثيرا..

إنه والدي على بن أحمد الذي أضناه مؤخرًا مرض مفاجئ.. فكان صابرا محتسبا ذاكرا مصليا داعيا لله وحده.. قضى إلى الآن ما يزيد على الشهرين وهو على سرير المرض، رأينا منه ما يسرّ، بالرغم آلامه الشديدة، وضعفه الظاهر.. فالحمد لله.
اشتقت إليه قبل آخر زيارة لي لمدينة جدة حيث يقطن مع الأهل -قبل مرضه-، فأرسلتُ له:

"ماذا أقول وأنت فوق مقالي
يامن ترجّي قربه آمالي
يا من سقيت القلب من نبع الصّفا
وبنيت بالأخلاق صرحًا عالي
أنى اتجهتُ وجدتُ عطفك ماثلا
ووجدتُ حبًّا مالئًا أوصالي
يا سيّدي إنّ الفؤاد مولّهٌ
فمتى سيُنشد للقا موّالي
ومتى أقبّل يا جليل مواطنـــــــَ
الرحمات والإحسان والإفضالِ
حسبي من الدنيا بأنك والدي
ومدار كوني واقتفاء رحالي..."

وفي إجازة منتصف الفصل الدراسي وجدته على غير الحال التي رأيته بها آخر مرة، والحمد لله على ما يقضيه ربنا ويقدره..
ولما أخبرني زياد ابن أخي عن الرد ذهبت مسرعا أفتش في أوراقه عن مسودة الرد فوجدت:
"أرضيتني بصياغة الأقوالِ
فأجد فديتك صادق الأفعالِ
تحقيق ما أرجوه منك يهمني
والله يعلم فيك صدق مقالي
والله إن سعادة ترضى بها
وبلوغ مجدك منتهى آمالي
حسبي من الدنيا وجود أحبتي
حولي وهم في رفعة ومعالي"


هو في أمس الحاجة إلى دعائكم.. وأبشركم أنه بدأ يستجيب للعلاج وهو في تحسّن ملحوظ ولله الحمد والمنة.

الأحد، يناير 22، 2017

إلحاقا بموضوع شجرة آل حجر الغامدية

نشرت قبل سنوات موضوعًا عن شجرة عائلتي التي قام برسمها الأستاذ خالدالفقيه -جزاه الله خيرًا-، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن وأنا أستقبل الكثير من التعليقات حيالها، والكثير من التعليقات لم أرها إلا مؤخرًا، ولم أنشرها، ولم أرد على أصحابها، لذلك وجدت أنه من الأجدر أن أفرد موضوعًا خاصّا لها.
عشرات التعليقات وصلتني من إخوة من أقطار مختلفة يسألون هل العائلة هذه تنتمي إلى عوائلهم، وأود أن أوضح بعض النقاط باختصار:

  •        اسم (حَجَر) منتشر في الكثير من القبائل العربية، وكوننا نتشارك نفس الاسم لا يعني أننا من نفس العائلة.. في بلجرشي -ديرتي- مثلا عائلتان ينتهي لقبهم بآل حجر وكلاهما من غامد ولكن ليس لهما صلة قرابة معروفة ببعض سوى قرابة القبيلة.
  •         نحن نتبع قرية وهذه القرية معظمها يرجع في نسب واحد، فعائلة آل حجر هذه ترجع في مسعود، ومسعود هذا يرجع في ردّاد وردّاد هذا يرجع في عُليّان الجرشي، وعُليّان الجرشي من أبنائه: مصبّح، وخميس، إلخ.. فهي عائلة حديثة العهد تنتمي لمنظومة أكبر، والكثير ممن علقوا ممن لقبهم (أبو حجر) ينتمون إلى عائلة كبيرة جدا تكاد تكون أقرب إلى القبيلة، فلذلك يبعد أن تكون عوائلهم لها صلة قرابة بعائلتنا.
  •         نعم هناك من سافر من عائلتي وتزوّج ولم يُعرف متى توفي، وهل خلّف ذرية أو لا، مثل الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن حجر -رحمه الله- الذي كان يطلب العلم في اليمن، ووُجد له إجازات من الشيخ محمد بن أحمد بن عبد الباري الأهدل -رحمه الله- ووُجد له أيضا مجموعة من المخطوطات، وقد تحدّث عن بعضها الشيخ خالد الفقيه في هذا المقطع، وهذا التعليق.

الأربعاء، ديسمبر 28، 2016

مزرعتي!

لا أخفيكم أنني وفي الأعوام القريبة الماضية داعبتني أمنيّة صارت من أقرب أمانيَّ إلى قلبي وهي أن يكون لي مزرعة خاصّة أستمد منها غذائي ودوائي، وأستظل بظلها وأعيش معها بعيدًا عن ضوضاء المدينة وصخبها.

حقيقة لم أقرأ من قبل عن الزراعة ولا أعرف عنها شيئًا ذا بال، رغم احتكاكي القريب بها في جميع سنيّ عمري من خلال مزرعة الوالد في تهامة وأراضي الجنوب الزراعية بشكل عام. فإنني -للأسف- لم أكن آبه بها وبتفاصيلها، رغم أنني كنت أحبها.. وكم هي جميلة متعة قطف الثمار، وكم هي جميلة تلك الأيام التي كنت فيها أستظل بشجرة المنقة (المانجو) مصطحبًا سكينة وفرشة صغيرة لآكل ما تيسر من ثمارها على مرأى منها ويا ليتني أعرف مشاعرها حيال هذا التصرف الظالم!

من مزرعة الوالد -حفظه الله- بتهامة ناوان
  
 أيضًا ولا تغيب عن بالي تلك الجلسات التي كنا نجلسها بعض المرات في مزرعة أقارب لنا في وادي القرية بوجود خالة والدي جدّتي -المباركة- سعديّة -رحمها الله رحمة واسعة-، وأيام كنت أرافق "عزيز" -عامل المزرعة- لأقطف ذُرَةً وآكل سنّوتًا!
"ذهب الصّبا وتولّت الأيامُ..     فعلى الصّبا.. وعلى الزمان سلامُ".

ومنذ أن انتقلت للعيش خارج "بلجرشي" للدراسة، وأنا في شوق لها ولمغانيها، سنون مرت لا يغيب طيفها عن بالي، أشتمّ ريحانها في كل ناحية "كم منزل في الأرض يألفه الفتى.. وحنينهُ أبدًا لأوّل منزلِ" لم أزدد بالبعد عنها إلا قربًا، وبفراقها إلا حبًّا..
ولقد مللتُ من البعاد وإنني
من شوق بَلجُرَشِي وأهليَ متعبُ
فالقلب يرفل في نواحي قريةٍ
والجسم يرقب طيفها، ويُعذَّبُ

فلذلك ازداد تعلقي بأن يكون لي ولو أحواض صغيرة في هذه الفترة تذكرني بدياري، وتؤانسني، وأشعر معها بأنني قريب من الطبيعة، بعيد عن أكوام الإزفلت والإسمنت المتناثرة في كل مكان بأشكال تسلب الحياة روحها ومعناها.

اما الآن وبعد أن انتقلت إلى العيش خارج سكن الجامعة قدّر الله -وله الحمد والثنا- من غير سابق تخطيط، أن تكون شقتي بها شرفة خارجية (بلكونة)؛ فأول ما تبادر إلى ذهني فكرة أن أضع بها بعض الأحواض الصغيرة، لتكون بداية تعاملي مع عالم الزراعة.

وقبل ما يقارب الأسبوعين سألت عن أماكن وجود النبات والمشاتل فأرشدوني الأصدقاء إلى عدة أماكن -جزاهم الله خيرًا- فاتجهت إلى بعض منها وفي طريقي إلى أماكن غيرها -بإذن الله- فتفاجأت بما رأيت وسُررت.. واقتنيت بعض ما كنت أبغيه وأحبه، لا سيما الريحان والحبَق والضرم (إكليل الجبل) والشّار.

جانب من مزرعتي الناشئة بارك الله فيها!

نبتة الشّار


أما الضّرم فعشقي له علاوة على أنه ذا رائحة عطرية زكية، فهو يذكرني بجدتي لوالدي -رحمها الله- وقد كان دائم الوجود عندها.. فلذلك أسميته اسما كانت تقول لنا نادوني به: (أمّي الكهلة).. عليها رحمة الله ورضوانه.

إكليل الجبَل (الضرم)

قبل قليل قمت بزراعة الكزبرة وأسأل الله أن يبارك.. وهي أول مرة أزرع فيها بالبذور.. وبما أنه موسم القوطة (الطماطم) فقد زينت المزرعة ببعض منه -أيضا-.

بدأت أقرأ عن الزراعة، وأتابع بعض من يتكلم عنها، فازداد تعلقي بها بالرغم من تفاجئي أن الأمر ليس بتلك السهولة التي كنت أتخيلها. وقد أضحت فكرة إقامة مزرعة خاصة أولوية من أولوياتي ومتى ما سنحت الفرصة والمادة فلن أتوانى -بمشيئة الله وعونه-عن تنفيذها.

وصدق الله جل في علاه حين قال:

" وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ {33} وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنْ الْعُيُونِ{34} لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ{35}"  (يس)



الاثنين، ديسمبر 19، 2016

أريد أن أنام! (الجزء الأول)

في ليلةٍ روتينية من ليالي المدن الجوفاء.. تسللت خلسةً إلى والدها قائلة: بابا.. أريد أن أنام، احكِ لي قصة!
حملها بحضنه.. وصمت برهةً ثم قال:
أي بنيّة:
كان "صالح" غنيًّا بالمال والأخلاق، رزقه الله أمانةً وديانةً، ومالا وفيرًا ورث بعضه وكسب بعضه. لم يكن مع ما آتاه الله من مال وتجارة يرضى بشبهة ربًا أو مال حرام في بيعه وتجارته، رغم أنه يصعب على تاجر مثله أن ينقّي ماله من الشوائب سيّما وأنه يعيش في عصر اختلط فيه حلاله بحرامه. لذلك لم يكن فاحش الغناء، ولو أراد لكان، لكن حيطته وخوفه من الدخول فيما من شأنه أن يخلَّ بصفاء أمواله جعل تجارته محدودة وصعّب عليه الكثير من الإجراءات.

ذات مرّة قرر أن يتوجّه لبلدة جبليّة نائية، سمع عنها فأحبّ زيارتَها.. جهّز نفسه بمؤونة تكفي لأسبوع كامل، المدة التي كان يزمع قضاءها هناك.. وتودّع من أهله واستودعهم الله ثم مضَى.. وقبل أن يستوي على طريق السفر وكّل من أبنائه وأقاربه من يدير شؤونه العامّة مدّة غيابه مع الرجوع إليه وإخباره بجميع التفاصيل والمستجدات..

مضى وحيدًا، وقد كان عادةً في مثل رحلاته هذه يصطحب صديقه أبا حسام الذي منعته ظروفه الصحيةُ عن مرافقته.
الطريق طويل، يستغرق قرابة 13 ساعة بالسرعة النظامية.. طوال الطريق مع استراحات التوقف وباله مشغول في تجارته، واتصالاته لا تتوقف على جوالاته الثلاثة.. فالبعض كما تعرفين يا بنيتي يخرج من واقعه بجسده ويبقى رهينًا له بروحه وعقله.. كان ينفعل في اتصال، ويبتسم في اتصال آخر، يفرح، ويغضب، كل ذلك تسببه مكالمات بعيدة ترن على هاتف أخفّ من برتقالة! زعم أنه يخرج للعزلة لكي يرتاح، ولكنه في الواقع يحمل همومه معه أينما ذهب: شعر أم لم يشعر.. لقد غرّته المدنيّة والتجارة والأشغال عن الحياة الحقيقية فذاب في تفاصيلها. إننا نحب عادة أن نفعل الكثير من الأمور التي توهمنا بأنا نستغل أوقاتنا فيما يفيد لكي نريح ضمائرنا.

وصل به الحال أنه كاد أن يلغي رحلته تلك ويعود أدراجه، لمشكلة طرأت في إحدى شركاته، ولكن سرعان ما جاءه اتصال آخر يطمئنه أن الأمور سارت على ما يرام.
توكل على الله واستعاذ به من الشيطان وواصل طريقه، مثبتًا سرعته على السرعة النظامية -كان يحبّ أن يكون نظاميّا، وإنْ أَمِن العقوبة-.. وبعد أن انتصف الليل وهدأ جواله من الاتصالات والرسائل، بدأ يتبرّم من الطريق، فخطرت على باله فكرة -تردد في تنفيذها- وهي: أن يشغّل دروسًا كان قد حمّلها من قَبْل أحد معارفه على جهازه، وهي دروس شرح صحيح البخاري للشيخ بن عثيمين.

كان صالح يا بنيتي يتعجّب ممن يقضون طريقهم في الاستماع للدروس، كيف يصبرون عليها، وكان متشائمًا من كونه سيكمل سماعها، لكن قتامة الدرب، وعدم وجود الصاحب المؤانِس جعله يفكر جديا في تشغيل هذه الدروس ويخاطب نفسه: لم لا أجرب!
-وما زال يكمل قصته وهو ينظر في بنيته وهي تغطّ في نوم عميق، ويعلم أنها وإن كانت في أتم قواها الذهنية لن تفهم ما يريد إيصاله، لكنه يريد أن يقول-

(.. وللقصة تتمة)